صاحب السمو السيد/ نمير بن سالم آل سعيد
الشباب هم نبض الحياة المُتجددة يحملون في ذواتهم طاقة متقدة، فيض من القوة والعزم، ويمكن استثمار هذه الطاقة من أجل التنمية والتقدم في كافة المجالات التي يمكن أن يبرع فيها الشباب إذا ما تم توظيف طاقتهم توظيفًا سليمًا وتوجيه قدراتهم توجيهًا سديدًا لخير الفرد والمجتمع.
غير أنَّ هذه الطاقة الشابة بالإمكان أن تتحول إلى هدر وخسارة، إذا لم يتم الاستفادة منها في عمل نافع ذي قيمة فعَّالة في المجتمع.
وبعض الشباب يبددون أيامهم هباء منثورا دون السعي إلى استثمار قدراتهم أو تفعيل إمكانياتهم في المجالات التي بالإمكان أن يتقنوها أو يبدعون فيها بانتظار "الوظيفة" التي قد تأتي أو لا تأتي.
وإذا لم يحصلوا على الوظيفة يغرقون أنفسهم في البطالة العميقة والفراغ الثقيل والإحباط المرير، وكأن لا حل لديهم لانتشال أنفسهم إذا لم ينتشلهم أحدٌ، فيرتمون في أَسْرِ وسائل التواصل الاجتماعي وتأثيراتها السلبية المتدفقة إليهم بحرية مطلقة دون ضوابط مستسلمين لمضامينها خاضعين لسيطرتها، بالإضافة إلى الانقياد لسلطة الصحبة الفاسدة وتقليدها تقليدا أعمى دون تمييز للخطأ والصواب.
مما ينتج عن ذلك أحيانًا تصرفات متهورة في ذواتهم المندفعة إثباتا لأنفسهم وللآخرين بقدرتهم الكامنة على فعل ما يريدون بمشيئتهم الذاتية غافلين عن مآلات العاقبة.
وإذا لم يتم كبح جماح هؤلاء والأخذ بأيديهم إلى المزيد من الإرشاد والتوعية والاهتمام والمتابعة من الأهل والمجتمع والمؤسسات المعنية وتكثيف لأجلهم برامج التوجيه والتثقيف والتدريب والتشغيل، ومساعدتهم في أحوالهم المعيشية، والعمل على ملء أوقاتهم بأنشطة مفيدة تناسب قدراتهم في ميادين اهتماماتهم وشغفهم.
فقد يقع بعضهم في أمور قد تؤدي بحياتهم إلى الموت أو الأذى الجسدي أو السقوط في متاهات الضياع والانحراف، أو دخول السجن؛ ليتغيَّر مسار حياتهم إلى مسار مُنغلق بين أربعة جدران.
والأمثلة على تلك التصرفات التي تؤدي إلى المصائب والندم كثيرة؛ ومنها: الدعوة أو المشاركة في تجمعات تسبب الشغب والفوضى والاضطراب مما يخل بالأمن والنظام العام، والنأي بالنفس عن ذلك أضمن وأنسب وأكثر راحة وطمأنينة للفرد.
هذه الأمور- إن حدثت- تُسبِّب الفتن في المجتمع، واعتزال الفتن أدعى للسلامة وأبعد عن الندامة.
ومن الأخطار المُهلِكة التي قد يرتكبها بعض الشباب أيضًا هي الدخول في نفق تعاطي المخدرات أو الإدمان على الخمور وممارسة الفواحش انحدارًا إلى رجس الشهوات المُحرَّمة الآثمة والتي قد تنقل الأمراض الخطيرة التي لا شفاء منها وتؤدي بحياة الأفراد إلى الموت المحتم.
وكذلك التورط في نزاعات وشجارات عدوانية حمقاء محملة بالغضب والكراهية مما قد يتسبب في القتل الخطأ أو إلحاق الأذى الجسدي بالآخرين، والجميع في غنى عن تلك التعديات الخطيرة.
ومن الأخطار المتربصة أيضا قيادة السيارات برعونة وسرعة تتجاوز الحد الأعلى المسموح به قانونًا أو السياقة مع العبث بالهاتف النقال، أو ممارسة تسلق الجبال الشاهقة أو القفز من مرتفعات عالية أو الذهاب للصيد البحري مع حالة أجواء سيئة أو عبور الوديان أثناء جريان السيول وكل هذه وغيرها تتسبب في هلاك الإنسان.
وهذه الاندفاعات الشبابية ليست شجاعة؛ بل تهور؛ فالشجاعة تصرف عقلاني واعٍ مُتَّزن، بينما التهور تصرف متسرع طائش لا يحتكم إلى العقل.
ولعلَّ بعض الشباب تأتيه العبرة ويتعلم من تجارب الآخرين وخبرتهم وحكمتهم ويوفر على نفسه عدم الوقوع في الأخطار التي تكون أحيانًا مُهلِكة، ومن نجا فقد ربح، أو كما قالوا: النجاة من الموت أغلى غنيمة.